تقييم جهود مكافحة الفساد من منظور مؤشر مدركات الفساد 2018
تتطلب جهود مكافحة الفساد تظافرا في العمل بين جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك القطاع العام والخاص والقطاع غير الحكومي. وتعتبر “اتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد”، ، من اهم المعايير الدولية لمواجهة الفساد والتي تشمل احكاما في الوقاية من أفعال الفساد وكذا من حيث الملاحقة القضائية لأفعال الفساد ومعاقبة الأفعال مدنيا وجنائيا. كما تبنت الأمم المتحدة عددا كبيرا من القرارات ذات الصلة بمكافحة الفساد أهمّها قرارها 51/191 الصادر بتاريخ 16 ديسمبر 1996 الخاص بالمدوّنة الدولية لقواعد سلوك الموظّفين العموميين، وغير ذلك من المعايير الدولية الأخرى ذات الصلة. وعلى الصعيد العربي تبدو الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 والتي دخلت حيز النفاذ في يونيو 2013، الأداة العربية لمكافحة أفعال الفساد، والتي تلاها صدور القانون العربي الاسترشادي النموذجي لمكافحة الفساد لسنة 2012. وتوجد ايضاً مجموعة من الاتفاقيات الإقليمية على الصعيد الدولي.
د.
عبدالله عبدالكريم عبدالله
أستاذ القانون المدني المشارك
كلية القانون – جامعة قطر
ولقياس مدركات الفساد تضع منظمة الشفافية الدولية مؤشرا يرصد تطور جهود الدول في مكافحة الفساد ولتعزيز جهود النزاهة.
وفي قراءة لنتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 والتي أعلنت مؤخرا وشمل مائة وثمانين دولة، نجد ان الدنمارك تربعت على عرش المؤشر بوصفها الأكثر نزاهة حسب مؤشر مدركات الفساد وبدرجة 88 من مائة في المرتبة الأولى عالميا تلتها نيوزيلندا بدرجة 87 ثم فنلندا وسنغافورة والسويد وسويسرا بدرجة 85 من مائة. اما الدول العربية فقد توزعت على خريطة هذا المؤشر؛ فقد حصلت الامارات على درجة سبعين من مئة في المرتبة الأولى عربيا والمرتبة الثالثة والعشرين دوليا، اما قطر فقد حصت على درجة اثنين وستين في المرتبة الثانية عربيا والمرتبة الثالثة والثلاثين دوليا. ومن جهتها فإن سلطنة عمان حصلت على درجة اثنين وخمسين وفي المرتبة الثالثة عربيا والثالثة والخمسين دوليا، كما حصلت الأردن والسعودية على درجة تسعة وأربعين في المرتبة الرابعة عربيا والثامنة والخمسين دوليا، كما حصلت المغرب وتونس على درجة ثلاثة وأربعين في المرتبة السادسة عربيا والثالثة والسبعين دوليا.
الكويت حصلت على درجة واحد وأربعين في المرتبة الثامنة عربيا و الثامن والسبعين دوليا، كما حصلت البحرين على درجة ستة وثلاثين في المرتبة التاسعة عربيا والتاسعة والتسعين دوليا، اما الجزائر ومصر فقد حصلتا على درجة خمسة وثلاثين في المرتبة العاشرة عربيا وفي المرتبة المائة وخمسة دوليا، ثم أتت جيبوتي لتحصل على درجة واحد وثلاثين في المرتبة الحادية عشر عربيا وفي المرتبة المائة وأربعة وعشرين دوليا، كما حصلت لبنان على درجة ثمانية وعشرين في المرتبة الثانية عشر عربيا وفي المرتبة المائة وثمان وثلاثين دوليا، وحصلت جزر القمر وموريتانيا على درجة سبع وعشرين في المرتبة الثالثة عشر عربيا وفي المرتبة المائة واربع وأربعين دوليا. اما العراق فقد حصلت على درجة ثمانية عشر في المرتبة الخامسة عشر عربيا وفي المرتبة المائة وثمان وستين دوليا. كما حصلت ليبيا على درجة سبعة عشر في المرتبة السابعة عشر عربيا وفي المرتبة المائة وسبعين دوليا. اما السودان فقد على درجة ستة عشر في المرتبة الثامنة عشر عربيا وفي المرتبة المائة واثنين وسبعين دوليا، ثم تأتي اليمن التي حصلت على درجة أربعة عشر في المرتبة التاسعة عشر عربيا وفي المرتبة المائة وستة وسبعين دوليا، بينما حصلت سوريا على درجة ثلاثة عشر في المرتبة العشرين عربيا والمرتبة المائة وثمانية وسبعين دوليا، اما الصومال فقد حصلت على عشر درجات في المرتبة الحادية والعشرين عربيا وفي المرتبة المائة وثمانين.
وبخصوص فلسطين فلم تدخل المؤشر لهذا العام لعدم توفر ثلاثة مصادر على الأقل للاستناد اليها – بحسب منظمة الشفافية الدولية- كي يتم احتساب درجاتها ضمن هذا التقييم. وفي معدل عام فقد حصلت الدول العربية على اعتبار انها من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على معدل درجات وبمعدل تسع وثلاثين درجة من مائة.
وكنتائج لقراءة هذا التقرير نجد ان العديد من الدول العربية يجب ان تبذل المزيد والمزيد من الجهود على صعيد تطوير النظم القانونية والتطبيقات العملية في مجال الوقاية والمكافحة لأفعال الفساد للحد من اثار هذه الأفعال على واقع التنمية والاقتصاد فيها. حيث يجل تفعيل الجانب الوقائي وكذا اعمال قواعد المسؤولية المدنية إضافة الى الجنائية. وقد توصلنا في دراسة سابقة الى “أهمية إعمال قواعد المسؤولية المدنية المتضمنة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد خاصة في مجال تحديد الخطأ والذي يعبر عن فعل الفساد المنصوص عليه في الاتفاقية، في اطار القوانين المحل” علاوة على ” اعتبار فعل الفساد خطأ مدنيا موجبا للتعويض سواء كان ذلك ضمن اطار المسؤولية العقدية او التقصيرية، وايا ما كانت هذه المسؤولية مسؤولية عن الفعل الشخصي او حتى مسؤولية عن فعل الغير، على اعتبار أهمية تعويض المتضررين من أفعال الفساد”. يضاف الى ذلك ” التركيز على اعمال حق المضرور المتمثل في طلب تعويض مـدني عـن الضـرر الـذي تسـبب فيـه فاعل الفساد” و ” التركيز على الجزاء المدني بالنسبة للعقود التي تشوبها أفعال فساد بإلغائها او فسخها او سحب الامتيازات الناشئة عنها”.