توازي وتعادل الأشكال
لعل من المناسب، ان نشير، إلى ان فكرة توازي وتعادل الأشكال القانونية ، يعني ان الشكل او الاجراء الذي ينتهي به تصرف او مركز قانوني يجب ان يكون بقوة التصرف او المركز القانوني الذي أنشأه ٌ,كمبدأ عام ,الا انه لا يمنع من ان يكون اقوى منه, وان ذات الإجراءات التي اعتمدت في انشائه ,تعتمد في انهائه.
أ. د. ضمير حسين المعموري
مدير عام الدائرة الادارية والقانونية
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
وأهميته تكمن في انه محاولة لرصد تقنيات الصياغة التشريعية الداخلية والتي تكشف أيضا عن البنى التحتية للنص القانوني كما تنبثق أهميته من اعتماد المشرع العراقي على هذه الفكرة في مواضع عديدة مع غياب البيان والتحديد لها، ولعل مما يعزز هذه الأهمية هو غياب الدراسات االمتخصصة التي تتوفر على استجلائها وبيان مفهومها وتطبيقاتها، على الرغم من انتشارها على مساحة واسعة ، مما ينمُّ عن قدرتها على تفسير مجموعة واسعة من الأنظمة الفقهية والقانونية، فضلاً عما يتسم به هذا الموضوع من غموض وعدم تنظير.
يهدف هذا البحث إلى بلورة حقيقة فكرة توازي وتعادل الأشكال بصورة تحدد مفهومه وتؤطر أبعاد فكرتهوتحدد طبيعته وابرز تطبيقاته وفق ما يتحصل لنا من عملية تسليط الضوء على موقف القانون العراقي ، وقد سعى البحث الى محاولة صياغة هذه الفكرة ، ولربما نقنع بان تكون صياغةً أولية لها ، أو لبعض جوانبها .
اعتمد البحث ، القانون العراقي محلا للدراسة مع الإشارة إلى القوانين المدنية المقارنة عند الاقتضاء ، بقدر ما تسلط هذه المقارنة من ضوءٍ على موضوع البحث .كما اعتمد البحث المنهج العلمي القائم على الاستقراء والتحليل منهجاً له إلى جانب المقارنة.
دراسة موضوعة البحث ستكون بمقدمة ومبحثين,نخصص المبحث الاول لدراسة مفهوم توازي وتعادل الأشكال وبمطلبين نخصص المطلب الاول للمقصود منها في حين المطلب الثاني سيكون مخصصا لتأصيل فكرة توازي وتعادل الأشكال ,اما المبحث الثاني فسيكون لدراسة تطبيقاتٍ لها في نطاق القانون الخاص وبمطلبين الاول لتطبيق موضوعي والثاني لتطبيق إجرائي ,واذا انتهينا من ذلك اجملنا اهم نتائج ومستخلصات البحث في خاتمة .
فتوازي وتعادل الأشكال , وبعيدا عن الخوض (, في كونها مبدا ام قاعدة ام أصلا تشريعيا ام كونيا)، هي من الأفكار المستقرة في نطاق القانون العام ,واستخدامها والرجوع اليها مستفيض في هذا الصدد . الا انه لا توجد بحوث ولا دراسات بشانها في القانون الخاص .
ولها تطبيقات تتواجد في نطاق القانون الخاص, وهذه التطبيقات تختلف باختلاف مكانها وموضع استخدامها دون الاشارة الى الفكرة بالذات او تسميتها,وان كنت شخصيا , ممن لا يؤمن بتقسيم القانون الى قانون خاص وقانون عام , بل, من المؤمنين بوحدة القانون المرتبطة أصلا بوحدة المشرع ووحدة مصادره المادية واصوله الفكرية والواقعية التي تنتج القانون , واعتقد انه اذا كان صحيحا لاغراض منهجية وتعليمية ولاغراض تَمكُن الطالب من مادته الدراسية في نطاق الدراسة الاولية ان نقدم له القانون على شكلٍ تجزيئي او تفكيكي فانه ليس صحيحا ان يتبعَ ذات النهج في الإطار البحثي العلمي والتاصيلي للقانون , وهناك من الفقهاء ممن دعى الى عدم المغالاةِ بالتفرقة المصطنعة ما بين القانون العام والخاص وانه من الضروري السعي الى خلق مناسبات التجسير بينهما.
واعتقدُ جازما، ان مما يتناقض مع حقيقة العلم وطبيعة دوره ان تقوده سلفا قوالبٌ واطرٌ جاهزة تُفقِدُه حيويته وسعيه المستمر للتكامل وسعيه المستمر للتنازل عن كل ما لا يمت للعلم بصلة , فمن المنطقي والطبيعي ان يقود العلم ُ البحثَ لكن من غير الطبيعي ولا المنطقي ان يقود البحثُ العلمَ. ومن هنا أجد ان الاستعانة باتجاهات ودراسات القانون العام حول هذه الفكرة ,مما يستقيم مع منهج العلم ويتفق مع القول بوحدة القانون . وقد يعترض ,البعض علينا ,قائلا ما السبب في استعارة الفكرة من القانون العام اذا كان لها تطبيقات في القانون الخاص ,اقول اعترف بوجود تطبيقات لها في القانون الخاص ,الا انه لا توجد دراسات فيه تولت دراسة الفكرة وحاولت تحديد مفهومها ,ومن هنا تأتي استعانتا ببعض ما كتب في القانون العام لغرض تلمس وتحديد الإطار العام للفكرة
انظر التوازي والتعادل كفكرة في نصوص القران الكريم الآيات التالية ,على سبيل لمثال (له ملك السموات والارض يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير. هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم )الايتان 2و 3 من سورة الحديد .و قوله تعالى (وانه هو اضحك وابكى .وانه هو أمات واحيا)الايتان 43و44 من سورة النجم , وقوله تعالى في سورة طه (قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا .قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )الايتان 125و126.وقوله تعالى في سورة الجاثية الاية 34 (وقيل اليوم ننسكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ….)
العميد ليون دكي –دروس في القانون العام –منشورات مركز البحوث القانونية –بغداد – 1981- اذ يذكر على الصفحة الخامسة عشر ما نصه “يجب الاحتراس من خطا شائع عموما , مضمونه اقامة فاصل مطلق بين القانون العام والخاص .ليس من شك في وجوب التمييز بين هذين الفرعين للقانون , الا انه يتعين عدم اقامة نوع من السور غير القابل للاقتحام بينهما ……”