العدد الأول – لماذا مجتمع وقانون؟

بقلم رئيس التحرير

د. زياد عبد اللطيف سعيد القريشي

يبتغي هذا الاصدار ان يرفد المكتبة القانونية، والمتلقين من المهتمين بالشؤون القانونية وعلم الاجتماع القانوني، باراء الفقه  من السيدات والسادة الخبراء، سيما والعالم يشهد تحولات كبيرة في المفاهيم القانونية، وتحديات استهدفت السلم والامن الدوليين.

لقد دأبت دول العالم الى ضمان استقرار المجتمعات المتمدينة، من خلال ترسيخ سيادة القانون، والحكم الرشيد، والاستقلال القضائي. الا ان المتغيرات المتسارعة التي شهدتها مناطق مختلفة من العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط، افضت الى ظهور قصور واضح في مواكبة منظومة العدالة لمجريات الامور ومحدثاتها، اسفر عن ظهور فجوة تشريعية، مجتمعية وتنموية عجزت عن مواجهة التحديات، وطرحت تساؤلات مهمة عن مدى متانة منظومة سيادة القانون في هذه المجتمعات.

ان تفاقم التحديات وظهور جيل جديد من الاجرام المنظم والارهاب والذي يحاول زعزعة استقرار الدول بصورتها المعهودة، استدعى ان يلتفت الفقه القانوني والاجتماعي الى سرعة ايجاد قواعد قانونية امينة، تسهم في ايقاف المد الاجرامي بصوره الجديدة. ولعل من بين هذه الجهود ما تم الاتفاق عليه بين مجموعة من السادة الخبراء في علم الاجتماع والقانون، على ضرورة تعزيز الثقافة القانونية للنخبة الحاكمة، والعاملين في منظومة العدالة وفرض القانون وشرائح المجتمع الاخرى المهتمة في تعزيز القضايا القانونية، من خلال تحليل المشكلات التي تواجه المجتمعات، وترصين اعمدة المجتمع بقيم التسامح، والتسامي، والتكاتف. واعلاء سيادة القانون ليشكل ارضية مشتركة  لاعادة السلم المجتمعي، والعيش المشترك لا سيما في المناطق التي تأثرت بالنزاع  والهجمات البربرية والتخلف، والتعصب.

يسعى هذا الاصدار الى معالجة قضايا قانونية، اجتماعية تواجه المجتمعات الهشة بعد الصراعات، وتسير نحو بناء دول متطورة، حديثة تؤمن بسيادة القانون، والمساواة بين الافراد.

وقد تكون من اهم التحديات التي تواجه المجتمعات، الفوضى التي احدثتها الصراعات الداخلية غير الدولية وتجنيد الاطفال في هذه الصراعات، والارهاب الحديث بصوره المتعددة. اضافة الى النشاط غير المسبوق لعصابات الجريمة المنظمة، في جرائم الخطف، والمخدرات، والاتجار بالبشر، وغسل الاموال، اضافة الى تفشي الفساد في مفاصل الدول.

ومن اللافت ان اكثر من يتاثر بهذه التحديات التي تواجه المجتمعات، الافراد من الاقليات، النساء، والاطفال، كونهم الحلقات الاكثر هشاشة في المجتمعات.

وعلى الرغم من حرص المنظومة التشريعية على انتاج حزمة من القوانين التي تعزز الاستقرار، الا ان الحاجة الى مجموعة جديدة من القوانين اصبح حاجة ملحة للتصدي للاشكاليات المتفاقمة، فضلاً عن الحاجة الى وضع اليات حديثة في تنفيذ هذه القوانين بسهولة وسرعة.

يسلط هذا العدد الضوء على موضوع سيادة القانون من جوانب مختلفة اسهمت في رفده اقلام متعددة، مأتلفة على ايجاد حلول مجتمعية وقانونية تعزز من حكم القانون، وتسهم في ترسيخ الاستقرار.

يطيب لي بهذه المناسبة ان اتقدم بالشكر والتقدير لكافة الاخوان والزملاء الخبراء الافاضل بما جادت به عقولهم و اقلامهم لاغناء هذه الموضوعات المهمة، كما واشكر ثقة القراء الكرام لتصفحهم هذه المجلة التي تبدء على بركة الله مشوارها في بحور علم الاجتماع والقانون، على امل ان تكون رافدا جديدا يغيث المتلقي الكريم لينهل من بحر الافكار، وفضاءات المعرفة.