أ. د. ذنون يونس صالح المحمدي
اكاديمي وباحث قانوني
ويعد النزوح القسري من أشد وأخطر الظواهر اللاانسانية الماسة بالسكان المدنيين، وذلك لما يتعرض له النازحون قسرياً من أضرار كالتشرد وفقدان المأوى وفقدان عوائلهم فضلا عن الأضرار النفسية التي تلحق بهم وعلى هذا الأساس وإزاء كل ما يعانيه السكان المدنيين من أضرار مادية ومعنوية نتيجة للنزوح القسري فالأمر يستلزم حصولهم على تعويضات عادلة فبتعويضهم تتحقق العدالة الاجتماعية رغم أن التعويض لا يجبر ضررهم إلا أنه يخفف عنهم الكثير مما عانوه خلال تهجيرهم القسري.
إن حق هؤلاء النازحون قسرياً في التعويض إنما يستند إلى القواعد القانونية سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، رغم أن هناك العديد من التشريعات والدساتير الوطنية والمعاهدات الدولية، التي أشارت إلى ظاهرة النزوح القسري بعبارة (التهجير القسري) للسكان لكنها في الوقت نفسه لم تشر إلى النازحين قسرياً داخل دولهم، نظرا لأهميتها من ناحية ولخطورة أبعادها من ناحية أخرى . وقد بلغ عدد النازحين العراقيين محلياً لحد تاريخ 1/6/2016 خمسة ملايين بحسب تقرير لجنة المهجرين النيابية في مجلس النواب العراقي.
إن دواعي اختياري لموضوع هذه الدراسة الموجزة هو ما يواجهه السكان المدنيين من مخاطر وأضرار مباشرة وغير مباشرة سببها الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بشكل عام والنزوح القسري بشكل خاص وما يستتبع ذلك من نتائج سلبية لا حصر لها، ولكل هذه الأسباب وجدت الحاجة الملحة إلى أن أتطرق إلى مسألة تعويض كل من تم إبعادهم قسراً عن مناطقهم أو مدنهم ابتداءاً من لحظة وقوعهم تحت ضغط الخوف والرعب وفرارهم من بيوتهم مرورا بكل ما واجهوه خلال تلك الفترة من مآسي وأهوال وصولا لمرحلة رجوعهم ثانية إلى مناطقهم التي اخرجوا منها.
إن لمسألة تعويض السكان النازحين قسرياً داخل دولهم والذين تم إخراجهم بالقوة من مناطقهم بسبب الأعمال ألارهابية أهمية بالغة نظرا لانتشار ظاهرة النزوح القسري بشكل موسع وكبير في معظم الدول فضلا عن التعويضات غير العادلة التي منحت لهم إثناء تهجيرهم كل هذا لفت انتباهي وبشدة لإعداد دراسة أتناول فيها مشكلة تعويض الإضرار الناجمة عن النزوح القسري للإفراد داخل دولهم وإيجاد الحلول اللازمة لتعويضهم بشكل عادل ومنصف إن كان هناك فرصة لتعويضهم، وفي ضوء النصوص القانونية النافذة والنصوص الأخرى المؤمل اقتراحها كي تدخل حيز التنفيذ وغني عن البيان إن احد أسباب النزوح القسري هو الأعمال الإرهابية التي ارتكبها داعش الأرهابي والتي كبدت ميزانية الدولة خسائر فادحة لمواجهة هذه الآفة الكبيرة مما يجعلها عاجزة عن الإيفاء بمتطلبات المهجرين قسرياً داخل دولهم.
أذ تنحصر مشكلة الدراسة الأساسية في كون موضوعها اقتضى معالجة جانب من مشكلة عامة ومهمة للغاية هي مشكلة تعويض الإضرار الناجمة عن النزوح القسري للإفراد داخل دولهم، والتي غدت من المشاكل القانونية التي تواجه المختصين ولاسيما في تحديد المسؤولين عن أحداثها إن أمكن مقاضاتهم وتعويض الإفراد عن الأضرار الناجمة عنها، كل ذلك من خلال إيجاد أساس سليم تنهض به مسؤولية الدولة ذلك إن قواعد المسؤولية الخطئية سوف لن تسعفنا لإيجاد الحلول اللازمة لهذه المشكلة لذا تركزت الدراسة في الأتي:
النازحين محل الحماية القانونية » اضرار مادية ومعنوية ناجمة عن النزوح القسري » عدم كفاية قواعد المسؤولية المدنية » بقاء النازحين قسرياً داخل دولهم وبدون تعويض » محاولة إيجاد نظام قانوني يمنحهم كامل حقوقهم من خلال التعويض.