دراسة مقدمة من المؤسسة القانونية العراقية
د. عدنان ياسين مصطفى
أستاذ علم اجتماع التنمية – جامعة بغداد
اليوم يجب أن نتخذ خطوات ملموسة لتغيير الرؤية والانتقال بالاتفاقية إلى انتصارات حقيقية على الأرض. علينا معالجة عدم المساواة الذي يعاني منه الأشخاص المعاقين، وعلينا مواجهة مشكلات التمييز والتحيز، وان نسعى لتقديم التنمية التي هي حق للجميع، وإقناع المزيد والمزيد من الأمم والمنظمات والأفراد للانضمام إلى هذه القضية.
بان كي مون
الأمين العام السابق للأمم المتحدة
لقد حظيت فئات المعاقين في العالم باهتمام واسع بتأثير انتشار وسطوة مبادئ حقوق الإنسان وتأثيراتها المباشرة على السياسات الاجتماعية والصحية، وبالتالي النظر إلى العوق بوصفه حائلا يحد من قدرة معينة دون ان يقلل من القيمة العليا للإنسان او يبرر انتهاك حقوقه.
وفي العراق شهد عقد السبعينات من القرن الماضي على وجه الخصوص نهضة متميزة في التعامل مع هذه الفئات كان لها امتداداتها وتأثيراتها على دول الخليج العربي وذلك بتأثير الفورة النفطية التي وفرت للدولة دخلا كبيراً جعلها أكثر سخاءً في الإنفاق على الخدمات الاجتماعية ومنها تلك الخاصة بالمعاقين، كالخدمات الإيوائية ومراكز تشخيص العوق وتوفير الأجهزة المساعدة مثل المقاعد المتحركة وسماعات الإذن فضلا عن الأدوية والعلاجات المختلفة.
غير ان دخول العراق نفق الحروب منذ عام 1980، وما تلا ذلك من ازمات وحصار دولي شامل واحتلال وارهاب ، أفضى في النهاية إلى اختلال مدمر، ترتب عليه مختلف مظاهر العنف وانهيار مؤسسات الدولة إلى غير ذلك مما هو معروف. لقد أدت تلك الكوارث إلى نتائج خطيرة وآثار شملت كل سكان العراق بمختلف فئاتهم، وكان لها مخاطر مباشرة على إعداد السكان الذين تعوقوا أو صاروا عرضة للعوق. إن عوامل مثل: الألغام نقص العلاجات التلوث-نقص التمويل-ضعف تدريب الكوادر المطلوبة…الخ. كل ذلك وغيره كان له أثر مباشر على حجم ونوعية الخدمات المتاحة للمعاقين، كما أن البطالة التي امتدت لتشمل ألاف الأصحاء حولت المعاقين-حتى القادرين نسبيا على العمل إلى عاجزين مهمشين يعانون من العزلة، وقد اندفع بعضهم إلى الشارع متسولا، كما أن انقطاع العلاجات أو ارتفاع أثمانها أدت إلى وفيات كثيرة بينهم.
إن الأعداد الحقيقية للمعاقين باختلاف أصنافهم في العراق غير متوفرة بشكل كامل، على الرغم من قيام الجهاز المركزي للإحصاء بأجراء مسح مهم تناول أعداد وتوزيع المعاقين طبقا للعينات التي تم تناولها بالدراسة، فان أيا من هذه المسوح لن يكون كافيا للتعريف بالأعداد الحقيقية، والأصناف المختلفة، وعوامل العوق . وسيظل التعداد السكاني الشامل منتظرا وضروريا للإجابة على كثير من الأسئلة التي لا تستطيع الإجابة عليها اليوم بشكل قاطع. تجدر الإشارة إلى أنه منذ تأسيس الدولة العراقية، كان هناك اهتماماً لبناء نظام للحماية الاجتماعية للمواطنين الذين يعانون من قدرات وفرص محدودة وهو جزء من السياسة الاجتماعية الوطنية. هذا النظام يقوم على فكرة أن مراكز صنع القرار السياسي يتبنون رأياً مفاده أن الأشخاص المعاقين مثل غيرهم من الناس هم جزء فاعل من أبناء المجتمع، وأن الواجب الوطني والأخلاقي والإنساني يوجب مساعدتهم، بقدر ما تسمح به الموارد المتاحة، ليصبحوا جزءً نشطاً في المجتمع. فضلاً عن تعزيز قدرات المعاقين للتغلب على مشاعر الاستبعاد أو الإقصاء من الإنجازات التي حققتها العراق في ميدان العمل الاجتماعي. وفي دستور 2005 اعتبر الأساس التشريعي لحماية للمعوقين اجتماعيا واحداً من الأهداف الرئيسة في عناوين وتوجهات السياسة الاجتماعية وأيضا من بين المهام الأساسية التي حددها الدستور العراقي للبرلمان والحكومة